أعيدوا صلواتكم .. العديد من مصلي مسجد الفردوس بويسلان صلاتهم اما باطلة أو في حكم الباطلة
شيئين غير عاديين في مسجد الفردوس بويسلان مكناس، إن لم نقل اشياء، نكتفي في هذا المقال بالاهم و هما هذين الامرين. اولهما عدم استقبال القبلة للذين يصلون بدار القرآن.
إذ من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة ولا تصح الصلاة إلا به، لأن الله تعالى أمر به وكرر الأمر به في القرآن الكريم، قال تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [سورة البقرة: الآية 150].
و الثانية هي الصلاة امام الامام. فدار القرآن توجد امام المسجد، فهل تجوز صلاة المأموم امام الامام؟.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، هل تجوز الصلاة امام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا ؟
فأجاب بجواب طويل ذكر فيه أقوال أهل العلم حول الصلاة أمام الإمام ورجح أنها تصح مع العذر. قال: وهذا قول طائفة من العلماء وهو قول في مذهب أحمد وغيره، وهو أعدل الأقوال وأرجحها. وأجاز أيضاً الصلاة في مكان منفصل عن الإمام إذا دعت الحاجة لذلك حيث قال : ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك .
مع العلم أن من أهل العلم من منع الصلاة قدام الإمام مطلقاً وأن الصلاة لا تصح بذلك. وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور من مذهبيهما . ولا شك أن عدم صلاة النساء قدام الإمام هو الأحوط و الأبرأ للذمة؛ لا سيما وأن الصلاة في المسجد غير واجبة عليهن .
هنا اعود للحديث النبوي (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)
و اسمحوا لي أن آتي بشيء من التفصيل لهذا الحديث:
جاء في الحديث الشريف أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موعد قيام الساعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها يا رسول الله، قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) رواه البخاري...
هذا الحديث يقدم لنا منهجاً علمياً كبيراً وبليغاً في العملية الإدارية.. ولكن من المؤسف أن الاستدلال به غالبا ظل ينحصر في مواقف معينة أقل وأدنى من معناه الكبير ومن أهدافه التي شملت أكثر من جانب.. فكان الاستدلال به استدلالاً ناقصاً في نصه وغير مكتمل فقد رأينا في مواقف كثيرة أن الاستدلال يقتصر على ضياع الأمانة.. وأن ضياع الأمانة هو من علامات قرب الساعة.. وانحصر ذكر هذا الحديث بين ضياع الأمانة وقيام الساعة.
لكن ارى ان الجزء الأهم في هذا الحديث الشريف يتمثل في الشق الآخر من نصه وهو إذا اسند الأمر إلى غير أهله» ففي هذا النص من الحديث درس يعد من أعظم دروس الإدارة الحديثة.. فعندما يتحدث رسول البشرية عن إسناد المسؤولية إلى من ليس أهلاً لها، أي إلى من لا يستحقها لأي مبرر في عموم مهام وشؤون الحياة. وخاصة ما يتعلق منها بإدارة شؤون المجتمع في أي مجال أو في أي اختصاص أو في أي موقع وفي أي مستوى إداري او عملي.. وأن ذلك وفق المعنى العصري للعملية الإدارية يعد ضياعاً لأمانة المسؤولية وبالتالي يمثل خللا كبير في السلطة الإدارية.
هذه الأخطاء الادارية التي حذرنا منها رسول الهدى قبل مئات السنين حقيقة إدارية حملتها لنا فيما بعد كل المدارس الإدارية الحديثة وأكدت بأنه من أكبر السلبيات الإدارية.. في إسناد الأمر - والأمر هنا يعني به المسؤولية أو المهمة أو العمل أو الوظيفة في أي موقع وفي أي جهة او في أي مستوى - إلى « غير أهله» بمعنى لغير المؤهل وغير الجدير الذي لا تتوفر فيه أو لديه الكفاءة والجدارة والقدرات والمؤهلات اللازمة المختلفة للقيام بتلك المسؤولية او الوظيفة وهي قدرات وصفات من المفترض أن يخضع تقييمها لأدق المعايير والصفات والمؤهلات حسب طبيعة ونوع ومكانة المسؤولية بعيداً عن المحسوبية !!. هذه كلها وفق نص الحديث صورة واضحة من أهم صور ضياع الأمانة.. أو بمعنى أصح ومباشر هذه من الطرق الواضحة والصريحة التي تؤدي إلى ضياع الأمانة.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول وهو اصدق القائلين.
بان الأمر إذا اسند إلى غير المؤهل في أي مهمة فقد ضاعت أمانة هذا الأمر والأمانة هنا هي الأمانة الشاملة.. الأمانة في المال.. في القرار. في السلطة.. في الصلاحيات.. في التخطيط.. في التنفيذ في التوجيه.. في الأداء في الكلمة.. في الرأي في الفكر.. أمانة في عموم عناصر العملية الإدارية. وعندما تفتقد هذه العناصر كلها او احدها للأمانة فإن ذلك مؤشر كبير وخطير يسير بالأمور إلى منحنى لا يسر.. وما ذلك الا علامة كبيرة وصورة من صور الفساد في العملية الإدارية في أي موقع وفي أي مهمة..
السؤال الأخير.. كم من غير المؤهلين مسندة إليهم الأمور؟؟ وكم أثبتت لنا الحقائق والتجارب السابقة والكثيرة أن الأمانة قد ضيعت في كثير من الحالات بسبب إسناد أمرها إلى غير المؤهلين لها..
و هنا اعود لمسؤولية مسجد الفردوس على من تقع؟ و لما بقيت الجمعية المؤسسة للمسجد هي المسيرة له وحدها؟ و ما هي الكفاءات العلمية و الدينية التي يتوفر عليها اعضاءها؟.
إنها اسئلة تحيلنا عن وضع المسجد المادي و المعنوي، و وضع المرافق التابعة له. فدار القرآن كما اسموها وجدت ليدرس و يثلا فيها كتاب الله لا للصلاة. لذا فإنها لم تحترم شروط استقبال القبلة، و جاءت بنايتها أمام المسجد. إذ كل من يصلي فيها يكون امام الامام و هذا لا يجوز شرعا كما اسلفنا. لكن لا المسؤولين عن المسجد و لا المؤذنين و الفقهاء و الأئمة و المرشدين انتبهوا لهذا الامر الجلل. و لم ينبهوا المصلين له. و لا حتى من هندس و صمم انتبه لهذا. إذ ينتاب الشك العديد من المصلين بمسجد الفردوس كونهم لا يصلون اتجاه القبلة تماما. إذ كل التطبيقات المتخصصة في تحديد اتجاه القبلة الموجود بمحرك البحث كوكل، لا تتناسب تماما مع اتجاه القبلة المحدد بالمسجد نفسه بنسبة 25 في المائة تقريبا. اما دار القرآن فهي تبتعد عن اتجاه القبلة بما يناهز 75 في المائة.
فمن المسؤول عن هذا التحريف، و اللامبالاة بشعائرنا الدينة؟.
الا يجب أن يحاسب كل من تبت تعمده أو اغفاله لأمر كبير كهذا؟ فالمسؤولية مقرونة دائما بالمحاسبة.
و لا يسمح لأحد أن يفعل ما يريد بأمور الناس، و بخاصة عندما يتعلق الامر بالشأن الديني.