الوضع الليلي
Image
  • 23/12/2024
التجربة الديمقراطية المغربية في الميزان

التجربة الديمقراطية المغربية في الميزان

 

لطالما اعتُبِر المغرب نموذجًا متفردا للديمقراطية في العالم العربي وأفريقيا . فمنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في عام 1999، قاد العديد من الإصلاحات السياسية والدستورية التي تهدف إلى تحديث الدولة وتوسيع المشاركة الديمقراطية. ومن المؤشرات البارزة على صحة الأجواء الديمقراطية في المغرب ارتفاع عدد الاحتجاجات، التي امتدت إلى قطاعات مختلفة كالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والوظيفة العمومية.. إلخ وتعكس هذه الاحتجاجات، على الرغم من اعتبارها غالبًا تحديات لديناميكية الدولة، أن المجتمعً منخرطً بوعي سياسي ناضج في تشكيل معالم مستقبله. وإلى جانب دور وسائل التواصل الاجتماعي والعوامل الجيوسياسية الخارجية، يقدم المشهد المتطور في المغرب مسارًا ديمقراطيًا معقدًا ولكنه واعد وباعث على التفاؤل.

فإذا كانت العديد من البلدان في المنطقة العربية قد عرفت زلازل سياسية خطيرة على استقرار النظام ، فقد تمكن المغرب من الحفاظ على استقرار نسبي محفوف بالتردد من خلال حزمة من الإصلاحات والحوارات مع مختلف مكونات المجتمع المدني والطيف السياسي . وقد لعب الملك محمد السادس دورًا محوريًا في هذا التطور. وتحت قيادته، تم تقديم العديد من الإصلاحات الدستورية منذ عام 2011 استجابة لاحتجاجات الشارع في مختلف المدن إبان الربيع العربي. وقد عززت هذه الإصلاحات إلى حد ما فصل السلطات، واستقلالية القضاء، ووسعت من هامش الحريات.

إن الارتفاع في عدد الاحتجاجات في العقدين الأخيرين هو امتداد طبيعي لهذا المناخ الديمقراطي. وبعيداً عن كونها مؤشرا على عدم الاستقرار، فإنها تبرز دينامية متفردة في المجتمع المدني المغربي.

لقد برزت وسائل التواصل الاجتماعي كقوة ضغط هامة للغاية في رصد وتنظيم الاحتجاجات والرفع من وتيرتها حيث وفرت منصات مثل فيسبوك وتيك توك ويوتيوب للمواطنين الأدوات اللازمة للتنظيم وتبادل المعلومات وزيادة الوعي بقضاياهم. لقد سهل الاستخدام الواسع النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي على الحركات الاحتجاجية اكتساب الزخم وللمواطنين التعبير عن آرائهم بشأن القضايا الملحة التي تشغل يومياتهم.

في الماضي، كان تنظيم الاحتجاجات يتطلب موارد مادية ومعنوية وتنسيقية كبيرة ، لكن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت اليوم هذه العملية أكثر ديمقراطية. والآن، من خلال تدوينة واحدة، يمكن للحراك أن يتعبأ وينتشر في جميع أنحاء البلاد ليلفت الانتباه إلى القضايا المحلية وتحويلها إلى حوارات وطنية بناءة. على سبيل المثال، اكتسبت احتجاجات الأساتذة التي اجتاحت جل المدن المغربية في السنوات الأخيرة زخمًا من خلال المنشورات ومقاطع الفيديو المشتركة على هذه المنصات حيث أمكن للمواطنين من مناطق مختلفة الاطلاع بسرعة على القضية والتعاطف والتضامن معها، مما خلق حركة أكثر وحدة وقوة.

وعلاوة على ذلك، سمحت وسائل التواصل الاجتماعي بمزيد من الشفافية في كيفية تعامل الحكومة مع الاحتجاجات. ويمكن مشاركة مقاطع الفيديو التي توثق ردود فعل قوات الأمن والتدخل السريع أو الخطب التي يلقيها نشطاء الاحتجاجات في عين المكان، مما يجعل السلطات مسؤولة عن ردود أفعالها