الوضع الليلي
Image
  • 08/10/2025
ميثاق بدل القانون… عبث الإصلاح الرياضي

ميثاق بدل القانون… عبث الإصلاح الرياضي

بين الميثاق والقانون فرق جوهري لا ينبغي طمسه. فالميثاق ليس سوى اتفاق يقوم على النوايا الحسنة والتعهد الأخلاقي، بلا جزاءات حقيقية، بينما القانون نص تشريعي رسمي تصدره الدولة وتفرض احترامه بعقوبات واضحة. لذلك، حين عطل القانون وتُعوّضه مواثيق شكلية، فنحن لا نُصلح الواقع بل نكرس الهروب إلى الأمام. الإصلاح الحقيقي لا يقوم على التعهدات الأخلاقية، بل على قوة القانون التي تحمي الحقوق وتفرض الواجبات.
اطلت علينا الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الوطنية الاحترافية ببلاغ جديد، يحمل هذه المرة توقيع ميثاق الالتزام والأخلاقيات وحكامة الأندية المحترفة. خطوة قد تبدو تأسيسية على الورق، لكنها في العمق تضعنا أمام سؤال جوهري: ما جدوى وجود قوانين مثل القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، إذا ظل معطَّل التنزيل منذ أكثر من عقد؟
القانون 30.09 وضع لإحداث قطيعة مع الفوضى، عبر فرض الشركات الريــاضية، وضبط شــروط التسيير، وربط الأندية بمعايير الحكامة والشفافية. غيــر أن هذا القانون ظل حبيس الرفوف، عاجزا عن التطبيق بفعل ضعف الإرادة وصعوبة المواجهة مع شبكات المصالح داخل الأندية. وحين استعصى تنــزيله، تم القفز عليه باللجوء إلى «ميثاق نوايا حسنة»، يطلب من الأندية أن تلتزم أدبيا بما فشل القــــانون في فـرضه إلزامــياً.
وهنا تكــمن المفـــارقة: عوض أن تتحمل المؤسسات الريـاضية مسؤولية تفعيل القانون القـــائم، تكتفي بصياغة مواثيق أخلاقية بلا قوة إنفاذ ولا جزاءات. هل ننتظر من الأندية أن تصلح نفسها بنفـــسها؟ أم أن الميثاق مجـــرد واجهة لتلميع صورة منظومة عاجزة عن فــرض القـــوانين التي شرعتها الدولة نفسها؟
إن أي إصلاح جدي للرياضة الوطنية يبدأ أولا بــ تفعيل القـــانـــــون 30.09، وإرســــاء آليات رقابية مستقـــلة لتتبع مدى احتــــرامه، بدل إنتاج نصوص جديدة تعيدنا إلى نقطة الصــــفر. فالمشـكلة ليست في النصوص، بل في الإرادة السياسية والجـــــرأة المؤسساتية لتطبيقه.
الميثاق قد يمنح جرعة من «التفاؤل الخطابي»، لكنه لن يعــوض غياب التنزيل الصارم للقانون.فالإصلاح الحقيقي لا يبنى على التعهدات الأخلاقية، بل على سلطة القانون التي لا تســـاوم ولا تتنازل. فالميثاق يجمل الصورة، لكن القانون وحده يصنع الإصلاح.

بوشتى الركراكي